استراتيجيات التسويق.. كيف تبني الصورة الذهنية؟

 

استراتيجيات التسويق.. كيف تبني الصورة الذهنية؟

التسويق هو واحد من أقوى الأسلحة في العصر الحديث، هو في تقدير الكثير من الخبراء يفوق تأثيره الجيوش والأسلحة الثقيلة. وربما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية أدركت الدول أن الحروب أضعف من أن تؤدي إلى التفوق بلا خسائر للمنتصر. بالتالي فقد بدأ الاقتصاديون والسياسيون في البحث عن وسائل أخرى لتحقيق المكاسب على مختلف الأصعدة

وربما كان أدولف هتلر واحداً ممن استغل التسويق بشكل مذهل على الرغم من نواياه السيئة. فقد نجح هتلر في الاستحواذ على عقول الألمان آنذاك عن طريق الاختيار الدقيق للغة الخطاب والاقتراب بهيئته من هيئة العامة وتقديم الرسالة التي تلقى الصدى لدى لجماهير

ثم بعد ذلك طمعاً في قيادة ألمانيا وقتها استمر في انتهاج أسلوب الدعاية والتسويق حينما استخدم بمهارة عبارة “السلاح الرهيب” والتي أكسبته تأييد الناخبين بالفعل. غير أن هتلر لم يتوقف عن الدعاية بل وكان أهم رجالاته بعد أن اعتلى الحكم هو وزيره الشهير “جوبلز” والذي كان مسؤولاً عن الإعلام والدعاية

ربما كان ما فعله هتلر ملهماً للدول من بعده أن يتخذوا نفس الأسلوب مع تفادي الأغراض السيئة التي أودت بألمانيا النازية إلى الزوال. وحتى إن لم يكن ذلك صحيحاً وحدث بحذافيره، إلا أن الحرب الباردة فيما بعد وسقوط سور برلين بدون معارك ميدانية هو المثال الأكبر على نجاح التسويق والدعاية في مجالات السياسة والاقتصاد في التأثير على الرأي العام

أهمية وضع الاستراتيجية التسويقية في الاتجاه الصحيح

العقل البشري ليس شرّاً أو خيراً في حد ذاته، ولكنه وسيلة يستخدمها الإنسان لفعل الخير أو لارتكاب الجرائم

ينطبق ذلك على كل المجالات ومنها مجال الأعمال، وحيث أننا نتحدث عن التسويق بصفة خاصة فإن الاهتمام بوضع الأهداف التسويقية بعيدة المدى هو المحرك الأساسي لكل الأنشطة التسويقية. بالتالي فإن تلك الأهداف لا يجب مطلقاً أن تشوبها الأغراض اللاأخلاقية أو المضرّة للمستهلك أو العاملين بالمنظمة أو المجتمع ككل

ومن ثمّ فإنه على المنظمات أن تضع في اعتبارها مجموعة من الضوابط عند رسم استراتيجية التسويق

يجب أن تكون السلعة أو الخدمة المقدمة للمستهلك وكذلك كل الجهود التسويقية من حولها هادفة لتحسين مستوى المعيشة وتقدم حلولاً عملية للقضايا الاجتماعية السلبية

الاهتمام بحملات التوعية بالآفات الاجتماعية والصحية والسلوكية ودمجها في الاستراتيجية التسويقية. وحتى إن كان موضوع التوعية لا يتعلق بالمنتج أو الخدمة التي تقدمها المنظمة

عقد شراكات مع المؤسسات الدولية والمحلية والكيانات التي تعمل على التأثير الإيجابي للمنظمات والشركات والكيانات الاقتصادية

إبراز مزايا المنتج أو الخدمة التي تتعلق بالتنمية المستدامة والحفاظ على البيئة والصحة

إعداد خطاب تسويقي وإعلامي ورقمي بأسلوب يمكن من خلاله التواصل بسهولة مع الشريحة المستهدفة من المستهلكين مما يحقق أهداف الاستراتيجية التسويقية

عند الاستعانة او التعاقد مع مشاهير ومؤثرين في المجتمع يجب الأخذ في الاعتبار القيمة والرسالة التي يحملونها والصورة الذهنية الإيجابية لهم لدى المتلقي عموما والجمهور المستهدف بصفة خاصة

الحرص على تنفيذ الفعاليات والأحداث التي تدعم الحملات التسويقية بالذهاب للشريحة المستهدفة في أماكنها بدلا من دعوتهم للانتقال إلى أماكن انعقاد الفعاليات

الحرص على أن تكون الفوائد والمكاسب المادية الناتجة عن الحملة التسويقية أكبر من التكاليف المخصصة لها

كما ذكرنا في البداية فإن نموذج هتلر – الغير مرغوب فيه – أدى إلى كوارث وأوقع الملايين من الضحايا. وينطبق ما حدث مع ألمانيا النازية على ما سيحدث مع المنظمة التي لا تهتم بالتسويق في الاتجاه الصحيح. فربما تحقق مكاسب كبيرة في البداية، لكن حتما ستكون النهاية كارثية. ولكي تكون الصورة أوضح سنحكي لكم عن بعض التصرفات والحملات التي سارت في الاتجاه الخاطئ. وهذا وارد إذا كانت المنظمة صغيرة أو لا تمتلك الخبرات والتجارب. إما أن تصدر هذه الأخطاء من شركات كبيرة كتلك التي سنحكى عنها فذلك الذي يجب أن نقف عنده ونتعلم منه كثيراً

ماذا يحدث عند اتخاذ الطريق الخطأ؟

ماكدونالدز

أطلق عملاق الوجبات السريعة حملة تسويقية اجتماعية تهدف إلى دعم المصابين بالأمراض النفسية. ويا له من هدف نبيل لحملة كان متوقع منها أن تجد أكبر الصدى لكل عشاق وجبات ماك

 لكن كما يقولون فخطأ الشاطر بألف، حيث ارتكب فريق التسويق خطأً فادحا

كانت الحملة بعنوان “لست وحدك”، وكان لا بد و أن تنتهي هذه الجملة كذلك ليشعر كل المُستَهدفين من الحملة بالتعاطف. لكن لم يحدث ذلك واستكملت العبارة بجملة ” ملايين الناس يحبون البيج ماك”

هنا فقدت الحملة كل معانيها النبيلة وصارت كالنكتة الشهيرة ” كوهين ينعى ولده ويصلح راديوهات”

الحملة التي انطلقت في عام 2013 بملصقات على خطوط قطارات بوسطن في الولايات المتحدة لاقت صدى سلبي وقوبلت بالهجوم الشديد. كما قدمت شركة ماكدونالدز اعتذاراً (بعد فوات الأوان) على حساب تويتر قائلة

” يمكننا أن نؤكد أن هذا الإعلان لم تتم الموافقة عليه من قبل ماكدونالدز. وبمجرد أن علمنا بذلك، طلبنا إزالته على الفور”

ولكن هيهات فالرصاصة التي انطلقت لا يمكن لها العودة مرة أخرى

نوتيلا

في يوم الخامس من فبراير من عام 2007 أطلقت مراهقة أمريكية تدعى سارة روسو مدونة للاحتفال باليوم العالمي للنوتيلا. وقد كان الغرض من هذا الحدث هو إعلان عن الحب لهذا المنتج وتقدير المستهلكين له. وبدأت تلك المدونة في الانتشار الكبير حتى وصلت لملايين المستخدمين الذين واصلوا مشاركة الصور ومقاطع الفيديو بل والأشعار أيضاً عن النوتيلا

المفاجأة أن شركة فيريرو المنتج لنوتيلا أرسلت محاميها لوقف هذه المدونة وكل ما يجري حولها من أحداث في ردة فعل غريبة للغاية. فبدلا من تشجيع الفتاة والتي قالت انها أرسلت العديد من الخطابات للشركة، قاموا بإرسال رسالة تهديد لوقف ما تفعله سارة روسو فوراً

أثارت رسالة فيريرو الاستياء بشكل كبير من قبل محبي المُنتَج وكان ما فعلته الشركة بمثابة إساءة لسمعتها بنفسها وبدون أي أفعال من المنافسين. كما كانت رغبتهم في مقاضاة مراهقة ارتبطت بمنتج يقدمونه هو فعل كارثي كان من الأولى استبداله بالدعم والتقدير

وبعد موجة الاستياء تلك تراجعت الشركة عن هذا الخطأ الفادح وقررت ترك الفتاه ومدونتها ومتابعيها يفعلون ما يحبون

 

أهمية الاستراتيجية التسويقية في الحفاظ على الصورة الذهنية

الصورة الذهنية للمنظمة هي محصلة الانطباعات التي تتركها لدى عملاءها والمجتمع الذي تمارس فيه أنشطتها. والحرص على أن تكون هذه الصورة إيجابية يجب أن يكون هدفاً رئيسياً في الاستراتيجية التسويقيةالصورة الذهنية للمنظمة هي محصلة الانطباعات التي تتركها لدى عملاءها والمجتمع الذي تمارس فيه أنشطتها. والحرص على أن تكون هذه الصورة إيجابية يجب أن يكون هدفاً رئيسياً في الاستراتيجية التسويقية

ولكي تصل هذه الصورة الذهنية الإيجابية لا يجب أن تعتمد المنظمة على المزيج التسويقي التقليدي فقط

لكن على المنظمة أن تعمل على ثلاثة محاور إضافية وهي

.تنفيذ برامج التسويق الاجتماعي بالمشاركة مع جهات أخرى

الدعم القوي من وسائل الإعلام وبصفة خاصة الإعلام الرقمي ومواقع التواصل الاجتماعي

الدعم الرسمي والسياسي والحكومي

والهدف من انتهاج الاستراتيجية التسويقية بهذا الشكل هو أن ترتقي المنظمة من مجرد القيام بالمعاملات التجارية إلى توجيه الخطاب الذي يحمل التضامن والمسؤولية الاجتماعية

وفي الحقيقة فإن التأثير الاجتماعي لن ينحصر في المستهلكين فقط ولكنه سيمتد ليشمل أيضاً العاملين بالمنظمة والذين سيشعرون بالرضا عمّا يقدمونه والفخر بانتمائهم لمنظمة تتحلى بالصورة الذهنية الإيجابية لدى أفراد المجتمع

تابعونا لمعرفة المزيد في مقالات قادمة

 

2 thoughts on “استراتيجيات التسويق.. كيف تبني الصورة الذهنية؟

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s

%d bloggers like this: