أهمية التسويق الاجتماعي

أهمية التسويق الاجتماعي

.عند سماع عبارة “التسويق الاجتماعي”، ربما يقفز إلى ذهن البعض من الوهلة الأولى أن هناك عبء والتزام هم في غنى عنه

هذا الالتزام وذلك العبء الثقيل هو في الحقيقة أمر لا وجود له على الإطلاق. بينما العكس هو الصحيح، اذا تمعن في الأمر جيدًا من يرى التسويق الاجتماعي عبئًا. حيث أن أهمية التسويق الاجتماعي تتخطى كونها فائدة لطرف دون الآخر إلى أن تكون المعادلة التي سيكون الكل فائزًا فيها

فلننطلق معًا من فرضية أن التسويق بالتأثير الاجتماعي هو عبء لا طائل منه، ولسوف ينتهي بنا الأمر ليحيا كلٌ منّا في جزيرة منعزلة قد لا نجد بها من الموارد ما يكفي حتى نكتشف خطأ تلك الفرضية

ذلك لأن المجتمع من حولنا ليس مجرد أعداد من البشر، ولكنه مصدر من مصادر البقاء والاستمرار وبدونه لكنّا تعرضنا للانقراض تمامًا مثل الديناصورات

وحتى لا نتحول إلى ديناصورات القرن الواحد والعشرين يجب علينا أن نتوجه بصدق وقوة لما يحقق لنا الاستمرارية والبقاء

وفي مجال الأعمال لن نجد أفضل من التسويق الاجتماعي والتأثير الاجتماعي لتتخطى القيمة التي نقدمها كونها مجرد سلع استهلاكية أو خدمات لحظية

التغيير

أهمية التسويق الاجتماعي

 

(إن الجميع قادر على إحداث تغيير، وبالتالي، فنحن جميعًا “صانعو التغيير”)

بيل درايتون رائد التأثير الاجتماعي وأحد ممن صنفتهم مجلة يو إس نيوز ضمن أفضل 25 قائد في عام 2005

والتغيير الذي يقصده “درايتون” ونحن معه هو التغيير للأفضل وتحسين حياة الناس ورفع المعاناة عن كاهلهم

هذا التغيير الذي إذا استطاعت المنظمات القيام به فسوف تصبح فائزة بكل شيء؛ السمعة الطيبة، وولاء العملاء، والثقة، وولاء العاملين، واحترام المجتمع والسلطات الرسمية، والصورة الذهنية الإيجابية والكثير من المكاسب التي من شأنها أن تعكس تغيير حياة الناس للأفضل على تغيير المنظمة نفسها للأفضل بالتبعية

المكاسب التي ستحققها المنظمة هي نفسها أهداف الاستراتيجية التسويقية التقليدية بل وتفوقها من الناحية الأخلاقية. وهنا تأتي أهمية التسويق الاجتماعي والذي ليس فقط يحقق معادلة المكاسب المادية والمعنوية. بل وأيضًا هو يدفع الناس للمساهمة في أنشطة المنظمات غير الربحية والتي تعتمد في الأساس على التبرعات

الأثر الغائب للتسويق الاجتماعي

لا يصح أن ننظر إلى نتائج ومكتسبات التسويق الاجتماعي بذات النظرة التي نقيس بها نتائج التسويق التقليدي. وبطبيعة الحال فإن زيادة المبيعات وتعزيز العلامة التجارية وجذب العملاء هي أهداف ومكتسبات مشتركة فيما بين النوعين من التسويق. إلّا أن هناك دائرة وسلسلة من المكاسب لا يمكن لطرق التسويق التقليدي أن تحققها

ودعونا ننظر للتسويق الاجتماعي بالشكل المنطقي والموضوعي والعقلاني بعيدًا عن المشاعر والعواطف التي لا يعترف بها السوق وآلياته

أولًا

نوعية القضايا التي يلقي التسويق الاجتماعي عليها الضوء لا يمكن أن يتعرض لها التسويق التقليدي. على سبيل المثال فإن الإعلان عن سلعة ما انتهاجًا للتسويق التقليدي سوف يكون التركيز فيه على مدى منفعة السلعة للمستهلك وكيف ستقوم بحل مشكلته الشخصية بكل كفاءة. كما سيوضح الإعلان للمستهلك أن حياته بدون السلعة لن تكون أفضل. بينما إذا أردنا أن ننتهج التسويق الاجتماعي فسنفعل كل ما سبق (فلا يمكن أن نسوق لسلعة دون أن نبرز مزاياها للمستهلك). غير أننا حينها سوف نبرز أيضًا قيمة هذه السلعة في الحفاظ على البيئة من خلال تصنيعها من مواد صديقة للبيئة أو أن العلامة التجارية للسلعة تحمل تقديرًا خاصًا لفئة من فئات المجتمع أو أي من تلك الأهداف التي تحقق جودة الحياة للبشر وحتى النبات والجماد

أهمية التسويق الاجتماعي

ثانيًا

التسويق الاجتماعي من شأنه توعية المجتمع بقضايا تحمل حلولًا لمشكلات موجودة بالفعل أو وقاية من أخرى ستحدث في المستقبل. ومع انتشار هذه الحملات ونجاحها سوف تكون بمثابة القدوة لباقي المنظمات لتحذو حذوها. وبالطبع كلما زاد عدد المنظمات التي تطبق التسويق الاجتماعي زاد وعي المجتمع بمشاكله وحلولها. ومع إيجاد الحلول لتلك المشكلات تصبح بيئة العمل والسوق المستهدفة أفضل حالًا. وبالتأكيد مع تحسن أحوال الناس ستزيد القوة الشرائية مما يحسن من أحوال المنظمات بالتوازي

  الأمر الأكثر أهمية هو الأثر الفعلي الذي يحدثه التأثير الاجتماعي للمنظمة، وذلك في حد ذاته هدف نبيل يجب على كل المنظمات أن تضعه نصب أعين كل من ينتمي إليها. كما أن ذلك الأثر في حد ذاته يعتبر إنجازًا وتسويقًا بشكل كبير للمنظمة والصورة الذهنية الإيجابية التي سوف يتركها لدى الجميع. ومن هنا تأتي أهمية التسويق الاجتماعي الذي سيبرز هذا التأثير الإيجابي ليكون واضحًا جليًّا لكل ذي نظر وبصيرة. بالتالي التسويق بالتأثير الاجتماعي هنا يصبح أداة تسويقية كما أنه وسيلة لتوضيح وإبراز التأثير الاجتماعي الإيجابي

أهمية التسويق الاجتماعي للمنظمات الحكومية وغير الهادفة للربح

تنبع أهمية التسويق الاجتماعي للمنظمات الحكومية من الدور الأساسي الموكل إلى مثل تلك المنظمات في توعية المواطنين تجاه قضايا المجتمع أو تغيير السلوكيات الخاطئة مما يهدف إلى الحفاظ على المجتمع وتحويل حياة الأفراد إلى الأفضل. بينما كون التأثير الاجتماعي للمنظمات الحكومية هو واحد من مهامها الأساسية لا يعني إطلاقًا إهمالها لانتهاج طرق التسويق المختلفة تحقيقًا لأهدافها. إذ إن التوعية في حد ذاتها يجب أن تكون بالصيغة التسويقية التي تعتبر القضية محل التوعية منتج يجب الترويج له بقوة. فلا يمكن أن تقوم المنظمات الحكومية فقط بتنفيذ البرامج على الأرض دون التسويق لها تشجيعًا للأفراد وتحقيقًا للانتشار والرواج للقضية محل التوعية

أهمية التسويق الاجتماعي

 

على سبيل المثال حملات التطعيم ضد الأمراض والتي ربما يقابلها الناس بالشك والريبة والخوف من الأعراض الجانبية للأمصال واللقاحات. حيث لا يكفي فقط أن تنتشر فرق التطعيم بطول وعرض البلاد بدون تدشين حملات تسويقية احترافية تسعى من خلالها المنظمات الحكومية للتوعية وتشجيع المواطنين وحثّهم على تلقي اللقاح. وليس أكبر من لقاح الكوفيد مثلًا في المقاومة التي يلقاها في معظم دول العالم من الأفراد، لا فرق بين دولة متقدمة أو نامية أو متخلفة. فالكل كان متوجسًا في البداية والبعض ما زال. وربما أسهم قصور المنظمات الحكومية في بعض الدول في التسويق الصحيح لفوائد اللقاح في انخفاض أعداد الأفراد. غير أن هناك نماذج لدول استطاعت تكثيف الحملات التوعوية بشكل تسويقي محترف وانتهى الأمر بها أن نسبة من تلقوا فيها اللقاح من الأفراد وصلت إلى 100%

ماذا عن المنظمات غير الربحية

ربما ينطبق ما تكلمنا عنه في الفقرة السابقة بشكل ما على المنظمات غير الربحية. لكن بالتأكيد هناك فارق كبير يجعل من التسويق الاجتماعي للمنظمات غير الربحية يختلف عن المنظمات الحكومية

الفرق الأساسي هو حجم التمويل والذي لا يمكن بالطبع أن نقارنه بالحكومات. لذلك فإن حملات التسويق الاجتماعي للمنظمات غير الحكومية يجب أن تتسم بالذكاء والإبداع لتطويع التمويل القليل والخروج بأفضل النتائج. وهنا تبرز أهمية التسويق الاجتماعي من خلال روايات القصص التي تجذب الجمهور للتعامل مع المنظمة غير الربحية. كما تكمن أهمية التسويق الاجتماعي الاحترافي في تشجيع المتبرعين أيضًا كممول أساسي لهذا النوع من التبرعات دون أن يعتريهم الشك في نوايا المنظمة. وهنا تأتي أهمية القصص التي يرويها الناس للناس وبشكل احترافي ورائع يؤدي إلى تنمية التعاطف مع المنظمة والاقتناع بأهدافها وقضاياها

الخلاصة

النظر للتسويق الاجتماعي على أنه عبء هو خطأ كبير لكل من يرتكبه وخسارة مادية ومعنوية للمنظمات بجميع أشكالها. وفي المقابل فإن إدراك أهمية التسويق الاجتماعي والتركيز على تطويع أدوات التسويق التقليدي في خدمته هو الخيار الصحيح الضامن لمستقبل واعد للمنظمة بصفة خاصة وللمجتمع بصفة عامة

One thought on “أهمية التسويق الاجتماعي

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s

%d bloggers like this: